تتبع المهندسة المعمارية روزان قبطي أسلوب البساطة والعملية في تنفيذ مشاريعها؛ فشغفها الطفولي بالفن والإبداع والتصميم، مع تأثيرٍ كبير لعائلتها التي تدمج بين الفن والهندسة، أثار اهتمامها بالهندسة، فتعمقت في الدراسة ونالت شهادات وجوائز. في هذا الحوار، نعرف أكثر عن قصة نجاح روزان قبطي لحام:

شغف منذ الصغر
أخبرينا عن رحلتك لتصبحي مهندسة معمارية، وسبب اهتمامك بالهندسة! لطالما رافقني الفن والإبداع والتصميم منذ الطفولة، فقد كان لدي شغف تجاه الفن بشكل عام. للعائلة، وخاصة أبي، تأثير كبير فينا، أنا وأخي المهندس المعماري رامي قبطي. فأبي مهندس مدني مارس مهنته بحذافيرها، وكان معلمنا الأول الذي كشف لنا عالم الهندسة المعمارية، ولأمي الفضل في وضع بصمة الفنون والتصميم. لذلك لم أتردد أبداً في اختيار تخصصي الدراسي؛ لأنني نشأت في بيت يجمع بين الفن والهندسة. وقع اختياري على تخصص الهندسة المعمارية أولاً؛ لكونه يشمل ويدمج الفن بمعايير عدة. ومنذ بداية مسيرتي المعمارية، اخترت ودمجت الأزياء بالعمارة. كان أول مشروع في سنتي الأولى دمج العمارة القديمة مع الأزياء الحديثة؛ الذي حظي لاحقاً بالجائزة الأولى في مسابقة سنوية. كما تعمقت في دراسة موضوع الأزياء «commercial design» وتأثيره وتغيراته عبر السنين، وقدمت قاموساً للمصمم الصاعد يحتوي على توجيهات للتعامل مع التصميم الداخلي للمحال والمتاجر مستقبلاً.

تأثيرات معمارية
هل هناك مهندسون معماريون أو حركات معمارية معينة أثرت في عملك وفلسفتك التصميمية؟ طبعاً، هناك تأثيرات عدة تركت بصماتها فيَّ وفي فلسفتي التصميمية من كلا العالمين: الأزياء والعمارة. أنا أصنف نفسي وعملي كمنهج بسيط ومهيب (minimalist)، وأؤمن بأن لكل شكل وظيفة «form follows function»، وأن لكل خارطة وتقسيم بيت التخطيط الأنسب بحسب عوامل بيئته الخاصة. علينا دراسة بيئة المستهلك للوصول إلى أنسب تقسيم ومنظر. يؤكد أسلوبي في التصميم الداخلي البساطة والعملية، مع التركيز على الخطوط الواضحة والألوان المحايدة. وتتميز المساحات البسيطة (minimalist) عادةً بلوحة ألوان محدودة، حيث تكون ألوان الأرض والأسود والأبيض والرمادي هي الشائعة.
عوامل التصميم
ما العوامل التي يجب مراعاتها عند إنشاء تصميم ممتع من الناحيتين الجمالية والوظيفية؟ بالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً، نعتبر العميل من أهم الأولويات؛ فلكل منا احتياجاته وأسلوب حياته. نحن نحاول دائماً الجلوس مع أصحاب المنزل لفهم أسلوب حياتهم، وذوقهم، والألوان التي يميلون إليها. وطبعاً، لا ننسى أنفسنا وبصمتنا كمعماريين، لدينا لغتنا الخاصة التي اختارنا العميل بسببها. هناك أيضاً ثلاثة عوامل تُعتبر الأهم عند بدء أي مشروع جديد: العميل، البيئة، ولغتنا الخاصة.

أسلوب التصميم
كيف تؤثر الاستدامة في تصاميمك؟ الاستدامة ليست فقط في المنتجات والاستهلاك. أعتقد أن للاستدامة فكرة أعمق تكمن في التفكير بالاستدامة عند التخطيط وتطبيقها على أي حيز أو تخطيط معماري، كبيراً أو صغيراً. بمجرد أن نستوعب في تصميمنا البيئة المحيطة ونسلط الضوء عليها، ونضعها في سلم أولوياتنا كمعماريين ومصممين، نكون قد حققنا رؤية الاستدامة في مشاريعنا وستنتقل الفكرة والنهج من الحيز إلى المستهلك. تعد الاستدامة من أحب المواضيع إلى قلبي، فأنا أفضل استعمال الخامات والألوان الطبيعية عند توجهنا إلى أي مشروع، ونولي البيئة المحيطة اهتماماً كبيراً، ما يجعل مشروعنا - بشكل تلقائي - مستداماً ومحباً لبيئته، يحويها وينغرس فيها بشكل طبيعي.

التحديات الشائعة
ما التحديات الشائعة التي يواجهها المهندسون المعماريون اليوم، وكيف يتغلبون عليها؟ أعتقد أن التحدي المركزي للمصمم والمعماري اليوم هو وفرة الخامات، فهذا قد يسبب الوقوع في أخطاء شائعة جداً، ما قد يشجع المصمم على استعمال العديد منها في حيزٍ واحد، فتسبب ضوضاء بصرية إلى أبعد حدود. نحن ندرك تعددية الآراء والأذواق، لكن يجب علينا، كمصممين، أن نوجه وننتقي ونساعد العميل لتقليل الأخطاء والضوضاء. في كل مشروع، علينا أن نحافظ على نسب معينة من الخامات، والألوان، والبيئة، وألا تطغى الموضة أو الصيحات على حيزنا بأكمله، فعلينا أن نكون أذكياء في انتقاء الألوان، والخامات، والقطع.
تقنيات ناشئة
ما الاتجاهات أو التقنيات الناشئة التي ترين أنها تشكل مستقبل الهندسة المعمارية؟ التصميم والفن والإبداع تواكب التوجهات والتغير كأي موضوع حولنا. اليوم نجد أن الذكاء الاصطناعي يساعدنا ويدعمنا كمبدعين، ويسهل علينا الطريق. في السابق، كانت هناك أمور تستغرق وقتاً وتفكيراً وربما بحثاً، لكننا اليوم ننفذها بشكل أسرع وأنجح بمساهمة التقنيات الجديدة، وهذا فعلاً أمر مذهل. بدأنا نستخدم تلك التقنيات المتاحة ونحن على استعداد ومهتمون جداً بتطوير هذا الشق، لأننا نرى في هذا الأمر مستقبلاً قد يساهم في تطويرنا الذاتي أيضاً.
نصيحة للمهندسين الشباب
كيف يمكن للمهندسين المعماريين الشباب أن يوازنوا بين الإبداع والاعتبارات العملية؟ نصيحتي للمصمم الصاعد أن يكون حقيقياً في انتقائه للخامات، والتصاميم، وفي أي خطوة يقوم بها. عليه أن يكون واضحاً في لغته الخاصة، وأن يجعل كل مشروع منفرداً. علينا كمعماريين ومصممين أن نقدم الأفضل لنا وللعميل، وأهم هذه الاعتبارات كذلك التخصص. يجب أن يكون المعماري الجديد متلهفاً جداً للجانبين العملي والإبداعي، وأن يبتكر، ويقدم نفسه وعمله، وألا يأخذ الأمور كأنها مفهومة ضمناً. فموضوعنا عميق؛ فهو يدمج الإنسان والحيز والمكان والأمور العميقة في الوقت نفسه.

article source: زهرة الخليج.
תגובות